وقرأ ابن عباس والضحاك: {يوم التَّنادِّ} بالتشديد (١)، قال السُّدِّي: أي: يومَ التنافر (٢)، وقد ندَّ نُدودًا؛ أي: نفَرَ، وهو كقوله: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} الآية عبس: ٣٤.
وقال الضحاك: إذا سمعوا زفير النار ندُّوا هِرابًا (٣).
وقراءةُ العامة: {يَوْمَ التَّنَادِ} بغير تشديد، وهو مِن النِّداء، ولهذا النِّداء وجوه:
منها: الاستغاثة: كما في قوله: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا} الآية الأعراف: ٥٣، وقولهِ تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا} الآية فاطر: ٣٧، {دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} الفرقان: ١٣ الآيات، {يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} يس: ٥٢، {يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ} الآية الكهف: ٤٩.
ومنها: تَنادِي أهل الجنة وأهل النار: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} الأعراف: ٤٤، {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ} الأعراف: ٥٠، {وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ} الأعراف: ٤٨، {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} الحاقة: ١٩.
ومنها: نداء الدُّعاء: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ} الإسراء: ٧١، {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} القمر: ٨، {يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ} ق: ٤١، {وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} القلم: ٤٢.
* * *
(٣٣) - {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}.
وقولُه تعالى: {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ}: قيل: يوم تلتمِسون الفِرارَ
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٤/ ٣٧٣)، و"تفسير الثعلبي" (٨/ ٢٧٥) ونسبها لابن عباس والضحاك، و"الكامل في القراءات" للهذلي (ص: ٦٣١)، وفيه: أنها قراءة الزعفراني وابن مقسم أيضًا.
(٢) روى نحوه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٣١٦) عن الضحاك والسدي.
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٣١٨)، وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٢٧٥) واللفظ له.