مما تُعايِنون مِن العذاب، فلا تجدون مِن عذاب اللَّه مانعًا، وهو كقوله: {يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلَّا لَا وَزَرَ} القيامة: ١٠، {فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} الرحمن: ٣٣.
وقيل: يوم تنصرفون مِن الحساب مُدْبِرين عنه إلى النار، لا يعصِمُكم مِن عذابها عاصم.
{وَمَنْ يُضْلِلِ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}: قيل: مَن يُضلِلْه عن الدِّين فلا مُرْشِدَ له إليه.
وقيل: ومَن يُهْلِكْه فما له مِن مُخْلِّص.
* * *
(٣٤) - {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ}.
وقولُه تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ}: أي: وقال هذا المؤمن: ولقد أتاكم يوسفُ النَّبيُّ عليه السلام مِن قَبْلِ موسى بالبينات؛ أي: بالآيات مِن عند اللَّه الدالَّة على أنَّ دِين بني إسرائيل هو الحقُّ دون دين القِبْط.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: وهو تعبير الرُّؤيا، وقدُّ القميص (١).
{فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ}: أي: فبَقِيَ أسلافُكم طُولَ مدةِ يوسف في شك مما جاء به، يتوهَّمون أنَّ ذلك ليس مِن عند اللَّه، مع علمهم بقُصور قوى البشر عنه؛ لعَجْزهم عن الإتيان بمثله.
{حَتَّى إِذَا هَلَكَ}: أي: فلما مات يوسف {قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا}؛ أي: مَن يدَّعي الرسالة؛ لأنَّه لا يأتي أحدٌ بمِثْل ما أتى به يوسفُ مِن
(١) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (٧/ ٢٢١) عن ابن السائب الكلبي، فلعله مما روي من طريق الكلبي عن ابن عباس.