(٧٧) - {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ}.
وقولُه تعالى: {فَاصْبِرْ}: يا محمَّدُ، على أذى الكفار وجِدالهم {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}؛ أي: بنَصْرِ الرسل والمؤمنين في الدنيا والآخرة.
وقولُه تعالى: {فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ}: أي: أنتقِمُ لكَ منهم في الدنيا، وإنْ توفَّيْتُكَ قَبْل ذلك فإليَّ مَرْجِعُهم في الآخرة، فأُعذِّبُهم فيها وأُظْهِرُكَ عليهم به.
وظهر به (١) أنَّ النَّصْر المذكور في قوله: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} غافر: ٥١ منه ما يقع في الدنيا بالإعلاء والإظهار، ومنه ما يقع في الآخرة بالانتقام والعذاب.
وقال مقاتل: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبرَ كفار مكة أنَّ العذاب نازلٌ بهم فكذَّبوه، فأمرَه اللَّه تعالى بالصبر؛ أي: اصبرْ على تكذيبهم، إنَّ العذاب نازل بهم؛ يعني: ببَدْرٍ (٢).
* * *
(٧٨) - {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ}.
وقولُه تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}: وإنَّ كلَّهم قد أتوا أُمَمَهم بآياتٍ أجراها اللَّه على أيديهم حُجَجًا لهم على صدقهم.
(١) في (أ): "له"، وليست في (ر).
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (٣/ ٧٢١).