وقيل: {فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ}: مِن أعمالٍ عمِلوها فصوَّبوها لهم، {وَمَا خَلْفَهُمْ}: ما يترُكون مِن آثارهم بَعْدَهم.
وقيل: {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ}: حسَّنوا إليهم (١) أعمالَ الذين كانوا مِن قبلهم، {وَمَا خَلْفَهُمْ}: أعمالَ الذين حدَثوا معهم أو بعدهم.
وقولُه تعالى: {وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ}: قيل: هو ما قال إبليس: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ} النساء: ١١٩ وسائرُ ما قال أنه يفعل ببني آدمَ.
وقيل: هو ما قال اللَّه تعالى: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} ص: ٨٥؛ أي: تحقَّقَ هذا الوعيدُ فيهم.
وقولُه تعالى: {فِي أُمَمٍ}: أي: مع أُمَمٍ {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ}: أي: عَمَّهم جميعًا في العقاب؛ لعُمومهم في الارتكاب، فهم جميعًا خاسرون، ترَكوا قُرناءَ الخير وهم الدُّعاة إلى الحق والدِّين، فعُوقبوا بالقُرَناء مِن الشياطين وذلك هو الخُسْران المُبين.
وقال الإمام القُشَيري رحمه اللَّه: {فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ}: مِن طُول الأمَل، {وَمَا خَلْفَهُمْ}: مِن نسيان الزَّلَل (٢).
* * *
(٢٦) - {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}.
وقولُه تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ}: وذكَرَ بعد قَبائحِ أولئكَ قبائحَ مُشركي عصرِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: وقال مُشْركو قريش: لا تُصْغَوا إلى ما يقرؤُه عليكم محمد مِن الكتاب الذي يزعُمُ أنه مُنَزَّلٌ عليه مِن ربه.
(١) في (ر): "لهم".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٣/ ٣٢٦).