وراءكم في الدنيا مِن نعيمٍ وأهلٍ وولدٍ، فإنَّ اللَّه يُعطيكم في الجنة أكثرَ مِن ذلك وأحسنَ، ويجمَعُ اللَّه بينكم وبين أهاليكم وأولادكم المسلمين في الجنة.
وقال عطاء بن أبي رباح: لا تخافوا ولا تحزنوا على ذنوبكم، فإني أغفِرُها لكم (١).
وقيل: لا تخافوا الوقوعَ في العُقوبة، ولا تحزنوا فلن تفوتَكم المثُوبة.
وقولُه تعالى: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}: في الدنيا، فإنكم ستَصيرون إليها.
وقال حاتم الأصَمُّ: إنما يُقال عند الموت: لا تخَفْ ولا تحزَنْ، للخائف الحَزين، فأما الفرِحُ الآمِنُ فإنه يُقال له: خَفْ واحزَنْ (٢).
وقال أبو بكر الوَرَّاق: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ} ملائكةُ الرِّعاية: {أَلَّا تَخَافُوا} عَزْلَ الوِلاية، {وَلَا تَحْزَنُوا} على ما مضى مِن الجناية، {وَأَبْشِرُوا} بصدق العِناية {بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}: في البداية (٣).
وقال محمد بن علي التِّرْمِذيُّ: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ} ملائكةُ الرحمن عند مُفارقةِ الأرواحِ الأبدانَ، {أَلَّا تَخَافُوا}: سَلْبَ الإيمان {وَلَا تَحْزَنُوا} على ما كان مِن العِصْيان {وَأَبْشِرُوا}: بدُخول الجِنان {الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} في سالف الأزمان (٤).
وقال الإمام القُشَيريُّ رحمه اللَّه: لا تخافوا مِن العذاب، ولا تحزنوا على ما خلَّفْتُم مِن الأسباب، وأبشروا بحُسْن المآب وجزيلِ الثَّواب.
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٢٩٤)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ١٧٣).
(٢) ذكره السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٢٢٦) عن بعض المتأخرين.
(٣) ذكره القشيري في "لطائف الإشارات" (٣/ ٣٢٩) من غير نسبة.
(٤) ذكره أبو البركات النسفي في "تفسيره" (٣/ ٢٣٥)، وابن عجيبة في "البحر المديد" (٥/ ١٧٦).