عَهْده، ومُستقيمٌ في جُهْده ومُراعاةِ حدِّه، ومُستقيمٌ في قَصْده، ومُستقيمٌ في وُدِّه.
وقال أيضًا: {ثُمَّ اسْتَقَامُوا}: في تصفية العَقْد، ثم في تَوْفية العَهْد، ثم في صحَّة القَصْد.
وقال أيضًا: {ثُمَّ اسْتَقَامُوا}: بأقوالهم، ثم بأعمالهم، ثم بأحوالهم.
وقال أيضًا: أقاموا على طاعته، فاستقاموا في معرفته، وهاموا في محبَّتِه، وقاموا بشرائط خِدْمَتِه.
وقال أيضًا: استقامةُ الزاهدِ: أنْ لا يرجعَ إلى الدنيا، واستقامةُ العابدِ: أنْ لا يعودَ إلى الفَتْرة واتِّباعِ الشَّهوة، ولا يتداخلَ عملَه رياءٌ وسُمْعةٌ، واستقامةُ العارفِ: أنْ لا يشوبَ معرفتَه حظٌّ في الدارين، فيحجِبَه عن مولاه، واستقامةُ المُحبِّ ألا يكونَ له أرَبٌ مِن محبوبه، يكتفي مِن جُوده بوجوده، ومِن عطائه ببقائه (١).
وقولُه تعالى: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ}: أي: عند الموت بالبشارة مُترادِفين.
وقولُه تعالى: {أَلَّا تَخَافُوا}: أي: بألَّا تخافوا؛ أي: ينزلون بهذه البشارة: لا تخافوا ما بين أيديكم مِن هَوْل المَطْلِع، والمُسائلةِ في القبر، والأَفْزاعِ يوم القيامة.
{وَلَا تَحْزَنُوا}: أي: ولا تهتمُّوا، فلا يفوتكم (٢) ما أُمِّلْتُم (٣).
وقيل: لا تخافوا ما أنتم قادمون عليه، فلن تروا مَكْروهًا، ولا تحزنوا على ما خلَّفْتُموه مِن أهلٍ وولدٍ، فإنَّ اللَّه يخلُفُكم عليهم بخير.
وقيل: لا تخافوا ما أمامكم، فإنكم ستُكْفَون هَوْلَه، ولا تحزنوا على ما تركتموه
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٣/ ٣٢٧ - ٣٢٨).
(٢) في (ر) و (ف): "يغرنكم".
(٣) بعدها في (أ): "وقيل: لا تخافوا ما أملتم".