{وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ}: أي: ما دعوتُم به؛ أي: ما التمستُموه.
وقيل: أي: ما أضفتُموه إلى أنفسكم.
وقيل: أي: ما تمنَّيْتُموه بدَلًا عما خلَّفْتُم في الدنيا مِن القليل المُنْقَطِع الفاني.
* * *
(٣٢ - ٣٣) - {نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (٣٢) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.
وقولُه: {نُزُلًا}: أي: رِزْقًا أقامَه اللَّه تعالى لكم لإنزالِكم (١) الجنةَ.
وقولُه: {مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ}: أي: ممَّن غفَرَ لكم ورحِمَكم.
وقولُه تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}: استفهامٌ بمعنى النفي، وهو تعجيب مِن المشركين الذين لغَوا في قراءة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يدعو إلى اللَّه تعالى ويعملُ صالحًا، ويقولُ: {إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.
يقول: كيف يجوزُ لكم مَعاشِرَ قريشٍ مع ادِّعائِكم رَجاحةَ العُقول أنْ تتواصَوا باللَّغْو في قراءة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟! وأيُّ قولٍ أحسَنُ مِن قوله؟! وأيُّ قائلٍ أحسنُ قولًا منه وهو يدعو إلى اللَّه تعالى ولا تُهْمةَ فيه؟! فإنه يعملُ بما يقول، ويُظهِرُ دينَ الإسلام الذي هو دينُ أبيكم إبراهيم عليه السلام.
وتتَّصِلُ هذه الآية أيضًا بقوله: {قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}، وقولُه تعالى: {إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} هو كقوله: {رَبُّنَا اللَّهُ}، وقولُه تعالى: {وَعَمِلَ صَالِحًا} هو كقوله: {ثُمَّ اسْتَقَامُوا}.
(١) في (ر) و (ف): "لإنزاله إياكم".