(٣٥) - {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}.
وقولُه تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا}: أي: وما يُعطى هذه الخَصْلةَ، وهي دَفْعُ السيئة بالحسنة، وما يُوَفَّقُ لتلَقِّيها؛ أي: قبولِها واستقبالِها وأخْذِها.
وقيل: أي: الموعظة.
وقيل: أي: الكلمة.
{إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا}: ووطَّنوا أنفسَهم على الصبر للَّه على المَكاره.
{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}: أي: ذو نصيبٍ وافرٍ مِن العقل والعلم.
قال قتادة: أي: ذو حَظٍّ عظيمٍ مِن ثواب اللَّه (١).
وقيل: هي مِن قولهم: رجلٌ مُلَقًّى؛ إذا كان تكثر عليه المكارهُ؛ أي: لا يَحْمِلُ هذا الحِمْلَ إلا كذا.
* * *
(٣٦) - {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
وقولُه تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ}: (إنْ) شرطٌ، و (ما) صِلَةٌ، والنون توكيا وقسَمٌ؛ أي: وإنْ يُخطِرِ الشيطانُ بقلبكَ وسوسةً، ويصدَّكَ بها عن تلَقِّي هذه الموعظة {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}: يسمعُ استعاذتَكَ، ويَعلمُ إرادةَ الشيطان استزلالَكَ، ويَعلمُ ما يربطُ به جأشَكَ.
والنَّزْغُ: الإفسادُ.
(١) روى عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٧١٤)، والطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٤٣٤) عن قتادة: أن الحظ العظيم هو الجنة.