محمد مِن التوحيد والاستقامة والدعاء إلى اللَّه تعالى، وما عليه المشركون مِن الشِّرْك باللَّه، والصَّدِّ عن سبيل اللَّه، والتَّواصي بتَرْك الاستماع لكلام اللَّه تعالى.
أي: فأنتَ على حقٍّ وهم على باطل، وأنتَ في حِكْمة وهم في سفَهٍ، فاعملْ بما يَليقُ بمحَلِّكَ، ودعْهم وما يليقُ بمحَلِّهم.
وتكرارُ: {وَلَا} ذكَرْنا معناه.
وقيل: لأن كل واحدة منها تصلُحُ أنْ يلِيَها (لا) لو ابتُدِئَ بها.
وقولُه تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}: أي: ادفَعْ بحقِّكَ باطِلَهم، وبحِلْمِكَ (١) سفهَهم.
{فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}: أي: فإذا استعملْتَ هذا لانَتْ لكَ جوانبُ أعدائِكَ المشركين، ومالتْ قلوبُهم إليكَ بالمودَّة، فأقبَلوا على ما تدعوهم إليه، واستمعوا له، ورُجِيَ بذلك أنْ يستجيبوا لكَ، ويصيرَ مَن يُعاديكَ منهم بالكُفْر بإسلامه كالوليِّ القَريب.
وحميمُكَ: قريبُكَ الذي يهتَمُّ لأمرِكَ.
حثَّه على مُلاطفتِهم ومُجادلتِهم بالأحسن، ثمَّ ليس هذا بقَطْعِ القول على أنهم يؤمنون إذا فعَلَ ذلك بهم، فقد فعَلَ، لكنَّه تنبيهٌ على أنهم يَلينون له، فيستمعون ويتدبَّرون، ثم بعد ذلك يقعُ له الرَّجاءُ في إسلامهم، لكنْ يُنْصفُ بعضٌ فيُسْلِمُ، ويُعانِدُ بعضٌ فيُصِرُّ على كفره، وهو إطماعٌ له كما في قوله: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} طه: ٤٤، هذا لإطماعِ موسى وهارون، لا لتحقيق وجودِ الإيمان مِن فرعون.
(١) في (ف) و (أ): "وبحكمتك".