وقولُه تعالى: {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ}: قيل: هاهنا مُضْمَرٌ: فلا يخفون علينا وقد أعدَدْنا لهم الجزاءَ، وهو إلقاؤُهم في النار، أفهؤلاء خيرٌ أم مَن لم يُلْحِدْ في آياتنا، فيأتي آمنًا يوم القيامة مِن هذا؟!
وهذا استفهامٌ بمعنى التَّوْبيخ؛ لأنَّ جوابَه: بل مَن يأتي آمنًا يوم القيامة، فكان هذا تقريرًا لهم على قُبْحِ أعمالِهم.
وقولُه تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}: أي: فلْيختَرِ امرؤٌ لنفْسِه ما شاء مِن هذين، وهما الوُقوعُ في النار، والأمنُ منها، وليعمَلْ ما يراه، فإنه إنْ عمِلَ بعمَلِ أهلِ النار أُلقِيَ فيها، وإنْ عمِلَ غيرَ ذلك أَمِنَها.
وهي كلمةُ زَجْرٍ وتهديدٍ، وعُرِفَ بما بعده وما قَبْله أنه زَجْرٌ لا أَمْرٌ.
وقولُه تعالى: {إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}: فيَجزي كلَّ عاملٍ جزاءَ عمَلِه.
* * *
(٤١) - {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ}.
وقولُه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ}: أي: بالقرآن؛ لأنَّ فيه ذِكْرَ جميع (١) ما يُحتاجُ إليه، وجوابه محذوفٌ، وهو ثابتٌ تقديرًا (٢): هلَكوا به وشَقُوا به.
وقيل: خبرُه: {أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}.
وقولُه تعالى: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ}: أي: لا يَقْدِرُ أحدٌ مِن العِبَاد بمِثْلِه.
وقيل: أي: كريمٌ، مِن حَقِّه أنْ يُعَزَّ وأنْ يُجَلَّ، فلا يُلْغى فيه ولا يُعْرَضَ عنه ولا يُلْحَدَ في آياته.
(١) "جميع" ليست من (أ).
(٢) في (ر): "تقديره".