يعني: ليس كذلك، وإذا كان شركاؤُهم هؤلاء لا يعقلون فيَشْرَعوا، وكان اللَّه تعالى لم يَشْرَعِ الشركَ، فمِن أين يَدينون به؟! وكيف جعلوه لأنفسهم شريعةً مِن غير أنْ يرجعوا في ذلك إلى مَن يجوز أنْ يكون حُجَّةً وعُذْرًا في اعتقاده؟!
وقولُه تعالى: {وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ}: أي: ولولا القولُ السابق مِن اللَّه الذي قطَعَ الحُكْمَ به -وهو صِدْقٌ لا تبديلَ له ولا رجوع عنه- أنه لا ينزِلُ بهم العذاب الذي استحقُّوه بشركهم إلا في الآخرة لَقُضِيَ بينهم به في الدنيا.
والفَصْلُ: قَطْعُ الحُكْمِ، قال اللَّه تعالى: {وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} الأنعام: ٥٧.
والفَصْلُ: القولُ الحقُّ، قال تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} الطارق: ١٣.
وقولُه تعالى: {وَإِنَّ الظَّالِمِينَ}: أي: المشركين {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}: في الآخرة، وإنْ أُخِّرَ عنهم في الدنيا.
* * *
(٢٢) - {تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}.
وقولُه تعالى: {تَرَى الظَّالِمِينَ}: في الآخرة {مُشْفِقِينَ}: خائفِين {مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ}؛ أي: نازِلٌ بهم.
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ}: قال الكسائي: الرَّوْضةُ: العُشْبُ حولَ الغَدير (١).
وقيل: هي الأرض الخَضِرَةُ الحسَنةُ النبات.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٩/ ١٢٠).