وقولُه تعالى: {وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ}: أي: يعُمُّ خَلْقَه بنعمته التي تكون مِن الغيث، فمَن قَدِرَ على ذلك فهو قادر على أنْ يعُمَّ جميعَ عبادِه بسَعَة الرزق، فليس تضييقُه على بعض لِعَجْزِه، وكيف يَعْجِزُ عن ذلك مَن قَدِرَ على خَلْق السماوات والأرض وما بينهما ومَن فيهما مِن الخَلْق؟!
{وَهُوَ الْوَلِيُّ}: أي: يلِي أمورَ خَلْقِه بما يعلَمُ ذلك صلاحًا لِمَن أراد به الصلاح.
{الْحَمِيدُ}: أي: الذي يستحِقُّ الحمدَ على كل حال، وأنْ يُستسلَمَ له بالرضا كيف ما صرَّفَ بهم الأحوال مِن الإكثار والإقلال.
* * *
(٢٩) - {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ}.
وقولُه تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: أي: ومِن علامات قُدْرَته على كل شيء خَلْقُهما {وَ} خَلْقُ {وَمَا بَثَّ فِيهِمَا}: أي: نشَرَ وفرَّقَ {مِنْ دَابَّةٍ}: أي: حيوانٍ يَدِبُّ؛ أي: يتحرَّكُ بالحياة مِن الملائكة والجن والإنس والبَهائم والحَشَرات.
وقولُه تعالى: {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ}: في القيامة {إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ}: أي: قادر.
* * *
(٣٠) - {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}.
وقولُه تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ}: أي: بَلِيَّةٍ ونُقْصانٍ في مال أو أهل أو ولد أو قريب أو صديق.
{فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}: أي: بشُؤْمِ ذنوبِكم، وأضاف الكَسْبَ إلى اليد لأنَّ أكثرَ أعمالِ الخَلْق بالأيدي.