وقال شقيق: لو رزقَهم مِن غير كسْبٍ لتفرَّغوا، فتفاسَدوا، فشغلَهم بالكسْب (١).
{وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ}: أي: بمِقْدار {إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ}: عالِمٌ بمصالحهم {بَصِيرٌ}: بأعمالهم.
وقال عمرو بن حُرَيث: نزلت هذه الآية في أصحاب الصُّفَّة؛ وذلك أنهم قالوا: لو أنَّ لنا، فتمنَّوا (٢).
وقال خَبَّاب بن الأَرَتِّ: فينا نزلَتْ، وذلك أنا نظَرْنا إلى أموال بني قُرَيْظَة وبني النَّضِير وبني قَيْنُقَاع، فتمنَّيْناها فنزلت (٣).
وقال ابن عباس: {لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ}: أي: لطلَبوا مَنْزِلًا بعد مَنْزِل، ودابَّةً بعد دابَّةٍ، ومَلْبَسًا بعد مَلْبَس (٤).
* * *
(٢٨) - {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}.
وقولُه تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا}: أي: المطرَ بعد يأس الناس عنه لتأخُّرِ نزوله.
(١) رواه عنه السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٢٤٤). وشقيق هو ابن إبراهيم البلخي كما صرح به السمرقندي، وهو الإمام الزاهد، شيخ خراسان، صحب إبراهيم بن أدهم، وكان قليل الرواية، قتل في إحدى المعارك سنة أربع وتسعين ومئة. انظر: "حلية الأولياء" لأبي نعيم (٨/ ٥٨)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (٩/ ٣١٣).
(٢) رواه ابن المبارك في "الزهد" (٥٥٤)، والطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٥٠٩)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٩٨٤٩)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٣٩٠).
(٣) ذكره الثعلبي في (٨/ ٣١٧)، والواحدي في "الوسيط" (٤/ ٥٤)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ١٩٤).
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٣١٧)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ١٩٤).