{يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ}: قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أي: ذليلٍ (١).
وقال الحسن وقتادة رحمهما اللَّه: يُسارِقون النَّظْرة (٢).
وقيل: لا يُمكِنُهم أنْ ينظروا إلى النار بجميع أبصارهم؛ لِمَا يرون مِن هَوْلِها.
وقيل: أي: لا يرفعون أبصارَهم للنَّظَر رفعًا تامًا؛ لأنَّهم ناكِسو رؤوسهم، وعلى هذه الوجوه تكاد عيونُهم (٣) تخفى.
وقيل: ينظرون إلى النار بقلوبهم وهي خَفِيَّةٌ؛ لأنهم حُشِروا عُمْيًا.
وقولُه تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}: أي: الخُسْرانُ في الحقيقة لهؤلاء الذين حُرِمُوا منافعَ أنفسِهم وأهليهم، أو أهلَكوها وأهاليَهم بالإغواء، أو حُرِموا الحُورَ العِين بترك الإيمان، يقولون ذلك بطريق الشكر على حالة أنفسهم.
وقولُه تعالى: {أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ}: أي: إن المشركين في عذاب مقيم؛ أي: دائمٍ، ويجوز أنْ يكون هذا مِن قول المؤمنين، ويجوز أنْ يكون مِن اللَّه تعالى.
* * *
(٤٦ - ٤٧) - {وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (٤٦) اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ}.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٥٣٢) عنه وعن مجاهد.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٥٣٣) عن قتادة والسدي، وزاد الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٣٢٤) عن مجاهد والقرظي.
(٣) في (ر): "وجوههم".