وعاصمٌ في رواية أبي بكر: {تُؤْمِنُونَ} بتاء المُخاطبة (١)، والباقون بياء المُغايبة (٢).
قال مُقاتلٌ: أي: إنْ لم تُؤمنوا بهذا القرآن، فبأيِّ حديثٍ (٣) بعدَ توحيدِ اللَّه تعالى وبعدَ القرآنِ تُصَدِّقون.
وقولُه تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ}: أي: وعيدٌ بشِدَّةِ عذابٍ لكلِّ كذَّابٍ مُرْتَكِبٍ للمآثِم.
* * *
(٨) - {يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.
{يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ}: أي: يسمَعُ القرآنَ يُقْرأُ عليه {ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا}؛ أي: يدومُ على جَهْلِه وضَلالِه مُتَعَظِّمًا عن الانقياد لِمَن جاءَ بها؛ بسبَبِ أموالِه وأتباعِه.
{كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا}: أي: الآياتِ.
{فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}: أي: فأَخْبِرْه بأنَّ له عذابًا وَجيعًا في الدنيا والآخرة.
* * *
(٩) - {وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}.
{وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا}: أي: وإذا سمِعَ مِن آياتِ القرآن شيئًا فعَلِمَه وحَفِظَه سخِرَ منه، وصوَّرَ ذلك عند أتباعه بصُورة الباطل، وهو كفِعْلِ أبي جهل -لعنَه اللَّهُ- حيث سمِعَ الوعيدَ بالزَّقُّوم، أمَرَ جاريةً له فقدَّمَتْ رُطَبًا وزُبدًا، وقال لأصحابه: هذا الذي نعرِفُه زقُّومًا، ويُخَوِّفُنا محمدٌ به، فكُلُوه (٤).
(١) في (ر) و (ف): "الخطاب".
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٥٩٤)، و"التيسير" للداني (ص: ١٩٨).
(٣) في (أ) و (ر): "كلام".
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٤/ ٦٥٠) عن قتادة. وانظر ما تقدم عند تفسير قوله تعالى: {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} الإسراء: ٦٠.