ولمَّا (١) عجزوا عن ذلك وأَنبأهم آدمُ بها، ظهر علمُه وفضلُه عليهم.
وقيل: معناه: أنبئوني بصدقٍ، فإنْ عَلمتم بأسمائهم وكنتم صادقين في الإنباء عنها فأنبئوا، وإلَّا فلا تُنْبئوا.
وقيل: أي: إنْ كنتم عالمين؛ كَنَى عن العلم بالصدق؛ لأنَّ الصدق لا يُقام إلَّا بالعلم.
وقيل: {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}؛ أي: لمَّا كنتم صادقين فاصدُقوا وأنبئوا إن علمتم ولا (٢) تَكْذبوا، هذا كقوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} البقرة: ٩١؛ أي: اذ كنتم مؤمنين.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: يَحتمِل أن يكونوا نبِّهوا (٣) بهذا حتى لا يَسبقَ إليهم عند إعلام آدم أنَّ ذلك مِن حيث يدركونه لو تَكلَّفوا، أو أراد أنْ يُريَهم آيةً عجيبةً تدلُّ على نبوَّته، ذكَّرهم عجزَهم عن ذلك، وأَلزمهم الخضوعَ لآدمَ -صلوات اللَّه وسلامُه عليه- في إفادةِ ذلك العلمِ (٤)، كما قال تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى} طه: ١٧ ذَكَّره أولًا حالَه وحالَ عصاهُ؛ ليَعلم ما أراهُ ممَّا في يده من آيةِ نبوَّته (٥).
* * *
(٣٢) - {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}.
وقوله تعالى: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} لبدايتهم بالتسبيح قبل إخبارِهم أنَّه لا علمَ لهم وجوه:
(١) في (ر): "وقيل معناه فلما".
(٢) في (ر) و (ف): "فلا".
(٣) في (ر) و (ف): "نبئوا".
(٤) بعدها في (أ): "وهذا"، وفي "التأويلات": "له".
(٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٤١٨). ووقع في (ر): ". . في آية نبوته".