وقولُه تعالى: {بِالْحَقِّ}: أي: بتحقيق ما أَراه.
{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ}: وهذا قسَمٌ، ورُؤْيا الأنبياءِ وحيٌ (١) لا خَطَأَ فيه، وخبَرٌ لا كَذِبَ فيه، والقسَمُ تأكيدٌ لا وَهْنَ (٢) فيه.
ثم قال: {إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}: وهو في كلامِنا يُذْكَرُ فيما يكون ولا يكون، فما معناه مع ما سبق؟ وجوابُه من وجوه:
أحدُها: أنَّ مَلَكَ الرُّؤْيا خاطبَه في الرُّؤْيا بذلك إِطْماعًا، فنزَلَ الكتابُ بذلك إسماعًا.
والثَّاني: أنه تحقيقٌ لا تعليقٌ، وتقديرُه: لَتَدْخُلُنَّه بإدخال اللَّه، وهو بمشيئتِه وإرادتِه، لا مُعْتَرِضَ عليه، ولا مُنازِعَ له، ولا مانِعَ دونه.
والثَّالثُ: أنَّ اللَّهَ علِمَ أنَّ بعضَهم يموتُ قَبْلَ ذلك.
والرَّابعُ: أنَّه على قوله: {آمِنِينَ}، لا على قوله: {لَتَدْخُلُنَّ}، فكان الدُّخولُ مَوْعودًا مُتَحَقِّقًا، وكان الأمانُ عند ذلك مَوْعودًا مُعَلَّقًا.
والخامسُ: أنَّ معناه: إذ شاء اللَّهُ؛ كما قال: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}: أي: إذ كنتم.
{مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ}: أي: تَدْخُلونه مُحْرِمين بالعمرة، ثم تَحْلِقون رؤوسَكم للتَّحلُّل، ويُقَصِّرُ بعضُكم.
والتَّشديدُ للتَّكْثير، وهو تكثيرُ مَحالِّ الحَلْقِ، وهي الرُّؤوسُ، والتَّقْصيرُ: قَطْعُ أطرافِ الشُّعور.
= (٢٧٣١) أن السائل هو عمر رضي اللَّه عنه.
(١) في (أ): "حق".
(٢) في (أ): "وهي".