قال عليٌّ وابنُ عباس وابنُ مسعود وسعيد بنُ المسيب وابنُ جُريجٍ: كان مِن الملائكة، وكان اسمه: عزازيل، وكان مِن أشراف الملائكة، ثم أُبلس.
وقال الحسن البصريُّ وقتادةُ ومقاتلٌ وشهر بنُ حَوْشبٍ وابنُ زيد: كان مِن الجنِّ لا من الملائكة؛ خُلق مِن نارِ السَّموم، وله نسلٌ وذريةٌ، وهو أبو الشياطين (١).
واحتجُّوا بقوله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} الكهف: ٥٠ وإنَّما دخل في الأمر بالسجود مع الملائكة لا لأنَّه منهم، ولكن لأنَّه كان فيهم، وكلمة {إِلَّا} استثناءٌ منقطعٌ، وهو مِن خلاف الجنس، وذلك شائعٌ (٢) في اللغة، قال الشاعر:
ليسَ عليك عطشٌ ولا جوعْ... إلَّا الرُّقادَ والرُّقادُ ممنوعْ (٣)
وفي القرآن: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا} مريم: ٦٢ {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} الزخرف: ٢٦ - ٢٧.
وقالوا أيضًا: إنَّه قال: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} الأعراف: ١٢ كما قال في الجانِّ: {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ} الحجر: ٢٧.
ولأنَّه أَبى واستكبر وعصى وكفر، واللَّه تعالى يقول في صفة الملائكة: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ} التحريم: ٦، وقال تعالى: {لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} الأعراف: ٢٠٦.
قالوا: ولأنَّه قال: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ} الكهف: ٥٠ ولا نسلَ للملائكة.
(١) انظر هذه الآثار في "تفسير الطبري" (١/ ٥٣٥) وما بعدها.
(٢) في (ر) و (ف): "سائغ".
(٣) ذكره الشريف المرتضى في أماليه المسماة "غرر الفوائد ودرر القلائد" (٢/ ٥٢)، والقرطبي في "تفسيره" (١/ ٤٣٩).