أتيناكَ كيما يعرفَ الناسُ فَضْلَنا... إذا خالَفُونا عند ذِكْرِ المَكارمِ
وأنَّا رؤوسُ الناس في كلِّ مَعْشَرٍ... وأنْ ليسَ في أرض الحجازِ كَدَارمِ
وأنَّ لنا المِرْباعَ في كل غارةٍ... تكون بنجدٍ أو بأرض التَّهائِمِ (١)
فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا حسانُ، قُمْ فأَجِبْه"، فقام حسان فقال:
بني دارمٍ لا تَفْخَروا إنَّ فَخْرَكم... يعودُ وبالًا عند ذِكْرِ المكارمِ
هَبِلْتُم علينا (٢) تفخَرون وأنتمُ... لنا خَوَلٌ مِن بين ظِئْرٍ وخادمِ (٣)
فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لقد كنت غَنِيًّا يا أخا بني دارمٍ أنْ يُذْكَرَ منكَ ما قد ظننتَ أنَّ الناس قد نسُوه"، قال: فكان قولُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أشدَّ عليهم مِن قول حسان، ثم رجَعَ حسان إلى شِعْرِه، فقال:
وأفضلُ ما نِلْتُم مِن المجد والعُلا... رِدافَتُنا مِن بعد ذِكْرِ الأكارمِ
فإنْ كنتُمُ جئتُمْ لِحَقْنِ دمائِكم... وأموالِكم أنْ تُقْسَموا في المقاسِمِ
(١) عزاها ابن هشام في "السيرة النبوية" (٢/ ٥٦٥ - ٥٦٦) للزبرقان، وفي روايته اختلاف يسير عما هنا. ودارم من بني تميم. والمرباع أخذ الربع من الغنيمة يريد أنهم رؤساء. انظر: "الإملاء المختصر في شرح غريب السير" (ص: ٤٣٤).
(٢) أصل الهبَل: الثَّكَل، يقال: هبِلته أمه، إذا ثكلته، ثم استعير لفقد العقل مما يصيب. انظر: "اللسان" (مادة: هبل).
(٣) ذكرها ابن هشام في "السيرة النبوية" (٢/ ٥٦٦). الوبال: الثقل. وقوله: (هبلتم)؛ أي: فقدتم، وأصل الهبَل: الثَّكل، يقال: هبِلته أمه؛ إذا ثكلته، ثم استعير لفقد العقل مما يصيب. والظئر التي ترضع ولد غيرها، وقد تأخذ على ذلك أجرًا، وأصله الناقة تعطف على ولد غيرها. انظر: "الإملاء المختصر في شرح غريب السير" (ص: ٤٣٥)، و"اللسان" (مادة: هبل).