أي: الذين حبَّبَ اللَّهُ إليهم الإيمانَ وكرَّهَ إليهم الكفرَ والفُسوقَ والعِصْيانَ منكم ومِن غيركم هُم المهتدون، وهو كقوله تعالى: {آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} الروم: ٣٩؛ أي: فالمُريدون وَجْهَ اللَّهِ منكم ومِن غيركم هُم المُضْعِفون، فأريدوا وَجْهَ اللَّهِ.
* * *
(٨ - ٩) - {فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٨) وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.
{فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً}: وهذا يُبْطِلُ قولَ القائلين بالأَصْلَحِ، فإنه لو وجبَ ذلك على اللَّه لم يكن ذلك فَضْلًا مِن اللَّه ونِعْمَةً.
{وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}: عليمٌ بِمَن يُحِبُّ الإيمانَ ومَن يَكْرَهُه منكم، حكيمٌ في تَدْبير أمورِ خَلْقِه.
وقولُه تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}: ولم يقُلْ: (اقتَتَلَتَا)؛ لأنَّ كلَّ طائفةٍ جَمْعٌ، فهما جَمْعان؛ أي: قاتلَتْ إحداهما الأخرى.
{فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}: ثنَّى على ظاهرِ تَثْنِيَةِ الطائفتين.
{فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى}: أي: استطالَتْ طائفةٌ منهما على الطائفة الأخرى.
{فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}: أي: تَرْجِعَ إلى الصُّلْحِ، وتَرْكِ البَغْيِ.
{فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا}: أي: اعدِلوا.