وقولُه تعالى: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}: أي: اعدلوا في الإصلاح بينهما. ويحتَمِلُ: أَقْسِطوا أيها الناسُ جميعًا، فلا تتمانَعوا الحُقوقَ.
* * *
(١٠) - {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
قولُه تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}: أي: مُتَآخُون على الإسلام بعضُهم أولياءُ بعضٍ، والإيمانُ أشرفُ أنسابِهم، وقد قطَعَ اللَّهُ الوِلايةَ بينهم وبين مَن خالَفَ دِينَهم مِن عشائرهم.
{فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}: وهو أقلُّ مَن يقَعُ بينهم القتالُ، وإذا أُمِروا بهذا في الأقلِّ، تَنَبَّهوا (١) به على الأكثر.
{وَاتَّقُوا اللَّهَ}: فلا تُمانِعوا الحُقوقَ، فيُؤَدِّيكم ذلك إلى الاقتتال.
{لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}: أي: لِتُرْحَموا بذلك.
* * *
(١١) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
وقولُه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ}: قد بيَّنَّا أنَّ السُّورةَ في الأمر بمَكارم الأخلاق، وكان مُعْتادًا في أكثر العرب في النُّظَراء التَّفاخرُ بالأنساب، والاستهزاءُ والسُّخْرِيَةُ والاستخفافُ، وكان أكثرُ مشركي العرب (٢) يترفَّعون على فُقراء المسلمين
(١) في (ر): "نبهوا".
(٢) في (ر): "المشركين".