وقيل: هو الإنشاءُ، وهو احتجاجٌ عليهم أنَّ مَن قَدِرَ على الإنشاء قَدِرَ على الإعادة.
{بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ}: أي: ما عَيِينا، {بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ}: أي: لبَّسَ الشيطان عليهم وموَّهَ، فأعرَضوا عن التَّدَبُّر؛ أي: لا يُنْكِرون البعثَ عن دليلٍ، بل عن تقليدٍ بجَهْلٍ.
{مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}: أي: البعثِ والتَّجديدِ بعد البِلى، وهو كما قالوا: {أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} الإسراء: ٤٩.
* * *
(١٦) - {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}.
قولُه تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ}: الوسوسةُ: حديثُ النَّفْسِ في خفاءٍ، ومنها وسوسةُ الشيطانِ؛ أي: لا يخفى علينا ما يخطُرُ بباله.
{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}: قال ابن عباس ومجاهد: هو عِرْقٌ في الحَلْقِ (١)، وهما الوَريدان في العُنُقِ عن يمينٍ وشمالٍ، ويَرِدُ إليهما ما يَنْصَبُّ مِن الرأس.
وقيل: هو العِرْقُ الذي بين الحُلْقُوم والعِلْبَاوَينِ (٢).
وقال الفراء: الحَبْلُ هو الوَريدُ، وأُضِيفَ إليه لاختلاف اللَّفْظَين (٣).
وقال الأخفش: أُضِيفَ إليه كما أُضِيفَ إلى العاتِقِ.
وقيل: الحَبْلُ: العِرْقُ، وهو اسمُ جنسٍ، وأُضِيفَ إلى نوعه كما يُقالُ: (عِرْقُ
(١) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (٢١/ ٤٢٢). ورواه أبو حاتم الرازي في "الزهد" (٤٥) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما. وذكره عنه النحاس في "إعراب القرآن" (٤/ ١٤٩)، والماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ٣٤٦).
(٢) العِلْباوان: جمع (عِلْب)، وهو عصب العنق الغليظ خاصة. انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (٢/ ٢٤٧).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ٧٦).