وقولُه تعالى: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ}: قيل: أي: لُعِنَ الكذَّابون؛ لأنَّ المَقْتولَ تفوتُه الحياةُ وكلُّ نِعْمَةٍ، وكذا الملعون (١) تفوتُه كلُّ سعادةٍ وكرامةٍ.
وقيل: هو أَمْرٌ مِن اللَّه تعالى بالدعاء على الكذَّابين على اللَّه وعلى رسُلِه (٢) بأن يقتُلَهم اللَّهُ ويُهْلِكَهم بأيدي المؤمنين، أو بعذابٍ مِن عنده.
وقال الحسن: {الْخَرَّاصُونَ}: الكَذَّابون (٣).
وقال مُجاهدٌ وغيرُه: القائلون بالظَّنِّ (٤)، وهو ما ذَكَرْنا مِن قولِهم في القرآن، وقولِهم في البعث بعد الموت.
وأصلُ الخَرْصِ: الحَزْرُ في النَّخْلِ والكَرْمِ والعَدَدِ والكَيْلِ.
{الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ}: أي: في غَمْرَةِ الجَهْلِ وهو غلَبَتُه، غافلون عن الحقِّ، مُتَمادُونَ في الباطل.
{يَسْأَلُونَ}: أي: النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنين.
{يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ}: أي: متى هذا اليومُ الذي حلَفَ ربُّكم بالذَّارِياتِ وغيرِها أنه واقعٌ يُدانُ فيه العبادُ بأعمالهم؛ أي: يُجازَون ويُحاسَبون بها، يقولون ذلك تَعَنُّتًا واستهزاءً.
* * *
(١٣ - ١٦) - {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (١٤) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ}.
(١) في (ر) و (ف): "الكذاب".
(٢) في (أ): "رسوله".
(٣) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٩٧٣)، وذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ٣٦٣).
(٤) رواه الطبريُّ في "تفسيره" (٢١/ ٤٩٢) عن مجاهد وقتادة وابن زيد.