قولُه تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ}: أي: يومُ الدِّين هو اليومُ الذي فيه بالنار يُعَذَّبون، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ} البروج: ١٠؛ أي: عذَّبوهم.
وقيل: {يُفْتَنُونَ}: أي: يُحْرَقون، وقد فَتَنْتُ الذَّهَبَ والفِضَّةَ بالنار؛ أي: أَذَبْتُهما بها.
{ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ}: أي: يُقال لهم: ذوقوا عذابَكم {هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ}: أي: هذا العذابُ الذي كنتم تستعجلونه في الدنيا؛ أي: تسألون تَعْجِيلَه استهزاءً.
ثم ذكَرَ حالَ مَن يُخالِفُه، فقال:
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ}: أي: الذين يَتَّقون الشركَ والمعاصِيَ.
{فِي جَنَّاتٍ}: أي: بساتين.
{وَعُيُونٍ}: جاريةٍ فيها.
{آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ}: أي: واصلين إلى ما أعطاهم ربُّهم؛ أي: وعَدَهم ذلك في الدنيا، وأَوْصَلَه إليهم في العُقْبى.
{إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ}: أي: قبلَ يومِ الدِّين.
{مُحْسِنِينَ}: في الدنيا، مُطِيعين يُحْسِنون الأعمالَ، ويُحْسِنون بذلك إلى أنفسهم.
* * *
(١٧ - ١٩) - {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}.
{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}: أي: يَنامون، و (ما) مع الفعل مَصْدَرٌ، وتقديرُه: قليلًا هُجوعُهم.
ووجهٌ آخرُ: كانوا يَهْجَعون قليلًا مِن الليل، و (ما) صِلَةٌ.