وقوله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ}: المطرُ والثَّلْجُ، وبهما نباتُ الأَقْواتِ.
{وَمَا تُوعَدُونَ}: يجوزُ مِن الوَعْد، ويجوزُ مِن الوعيد، وقد سبَقَ ذِكْرُهما في أوَّلِ هذه السُّورةِ.
وقال مجاهدٌ والضَّحَّاكُ: يعني: الجنَّةَ والنارَ (١).
قولُه تعالى: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ}: أقسَمَ بنفْسِه على أنَّ كلَّ ما أخبَرَ به في هذه السُّورةِ مِن الوعد والوعيد حَقٌّ.
وقيل: أي: الرِّزق، وعن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "أبى ابنُ آدمَ أنْ يُصَدِّقَ ربَّه حتى أقسَمَ له، فقال: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} " (٢).
قرأ حمزةُ والكسائيُّ وعاصمٌ في رواية أبي بكرٍ: {مِثْلُ} بالرَّفْع نعتًا لقوله: {لَحَقٌّ}، وقرأ الباقون بالنَّصْب على أنه يُسلَكُ به مَسْلَكَ الأدواتِ، وهي على الفَتْحِ (٣).
وقيل: هي على حَذْفِ الكافِ.
وقيل: تِقديرُه: قد حَقَّ حَقًّا مِثْلَ، ومعناه: هو حَقٌّ ككَونِ النُّطْق منكم حَقٌّ.
وقيل: معناه: إنَّ اللَّهَ رازقُكم، هذا القولُ حقٌّ كما أنَّكم إذا سُئِلْتُم: مَن خالِقُكم؟ قلتم: اللَّهُ، ذلك حقٌّ، فهذا أيضًا حقٌّ.
(١) ذكره عنهما السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٣٤٣)، وعن مجاهد الواحدي في "البسيط" (٢٠/ ٤٤٣). ورواه عن الضحاك الطبري في "تفسيره" (٢١/ ٥٢٢)، وأبو الشيخ في "العظمة" (٤/ ١٢٦١). وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١١٤)، والماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ٣٦٨).
(٢) ذكره السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٣٤٤) من غير إسناد. وروى الطبري في "تفسيره" (٢١/ ٥٢٣) عن الحسن في قوله تعالى: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} قال: بلغني أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "قاتل اللَّه أقوامًا أقسم لهم ربهم بنفسه فلم يصدِّقوه".
(٣) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٠٩)، و"التيسير" للداني (ص: ٢٠٣).