وقيل: معناه: كما أنكم تنطِقون به -وهو قولُكم: لا إلهَ إلا اللَّهُ حقٌّ- فهذا أيضًا حقٌّ.
وقيل: أي: كما أنَّ نُطْقَكَ لا يتكلَّمُ به غيرُك، ورزقُكَ لا يأكلُه غيرُكَ.
وقيل: معناه: كما أنك تَنْطِقُ، والحروفُ تَأْتَلِفُ (١) ولا تدري كيف تَأْتَلِفُ، وكذلك الرِّزْقُ يجتمِعُ عندك ولا تدري كيف يجتمِعُ.
وقيل: فائدةُ إحالةِ الرِّزق إلى السماء ولا سبيلَ لكَ إلى العُروج إليه: لِتَشْتَغِلَ بما كلَّفَكَ، ولا تَتَعَنَّى في طلَبِ ما لا تَصِلُ إليه.
وقيل: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ}: وإليها يُرْفَعُ عمَلُكم، فإنْ أردتَّ أنْ ينزِلَ عليكَ رِزْقُكَ فليَصْعَدْ إلى السماء عمَلُكَ، ولهذا قالوا: الصلاةُ مِفْتاحُ بابِ الرِّزْقِ، قال اللَّه تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ} طه: ١٣٢.
* * *
(٢٤) - {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ}.
وقولُه تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ}: وانتظامُها بما قبلَها: أنه قال: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ}، وقال في هذه القصة في آخرها: {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً}.
أي: يقولُ: ومِن الآيات في الأرض ما بَقِيَ مِن آثارِ قومِ لُوطٍ الذين أهلَكْناهم، وكانت بدايةُ ذلك مجيءَ الملائكةِ إبراهيمَ.
وقولُه: {هَلْ}: استفهامٌ بمعنى التَّقْرير؛ أي: قد أتاكَ.
وقيل: أي: إنْ لمْ يَأْتِكَ فها نحن نُخبِرُكَ.
والضَّيْفُ معناه: الأَضْيافُ؛ لأنَّه مَصْدَرٌ فصلَحَ للجَمْع، وهمُ الملائكةُ، سمَّاهم ضَيْفًا لأنَّهم جاؤوا مَجيءَ الأضياف.
(١) في (ف): "تتآلف"، وكذا في الموضع الذي يليه.