{فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ}: أي: أعرَضَ فرعونُ عن قَبولِ الحقِّ مع مَن كان رُكْنًا له يَعْتَمِدُ عليهم، ويتقوَّى بهم، ويركَنُ إلى نُصْرَتِهم، وهُم مَلَؤُه وقومُه، وهو كقوله: {أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} هود: ٨٠.
والباءُ بمعنى (مع)؛ كما يُقالُ: خرَجَ الأميرُ بحَشَمِه (١).
وقيل: تولَّى برُكْنِه؛ أي: بقُوَّتِه في نفْسِه. قالَه نِفْطَوَيْهِ (٢).
وقيل: أي: أعرَضَ بجانبِه؛ كقوله: {وَنَأَى بِجَانِبِهِ} الإسراء: ٨٣.
{وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}: أي: قال فرعونُ: هو ساحرٌ بما يُري مِن العصا واليد، أو مجنونٌ فيما يَدَّعي ولا يُفَكِّرُ في عاقِبَتِه كالذي لا يَعْقِلُ.
وقال أبو عبيدة: أي: ساحرٌ ومجنون، و (أو) بمعنى الواو في القرآن كثيرٌ (٣).
* * *
(٤٠ - ٤١) - {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (٤٠) وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ}.
قولُه تعالى: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ}: الذين هُم رُكْنُه.
{فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ}: أي: ألقَيْناهم في البحر، وهو نيلُ مِصْرَ.
{وَهُوَ مُلِيمٌ}: أي أتى بما يُلامُ عليه.
(١) في (ر): "بجيشه".
(٢) نسبه الماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ٣٧٢) إلى ابن عباس رضي اللَّه عنهما. ومكي بن أبي طالب في "الهداية" (١١/ ٧٠٩٨)، والسمعاني في "تفسيره" (٥/ ٢٦٠) إلى قتادة. وهو قول الفراء في "معاني القرآن" (٣/ ٨٧). وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١١٨) من غير نسبة.
(٣) انظر: "مجاز القرآن" (٢/ ٢٢٧).