ولا حاجةَ بنا إلى معرفة ماهيَتها على التعيين (١)، وحاجتُنا إلى معرفة أنَّهما نُهيا عن الأكل مِن شجرةٍ.
وقوله تعالى: {فَتَكُونَا} يجوز أن يكون نصبًا بالفاء في جواب النهي، ويجوز أن يكون جزمًا لعطفه على النهي الأول، وتقدير الأول: إنْ قَرِبتما كنتُما مِن الظالمين.
وتقدير الثاني: لا تَقْرَبا ولا تكونا مِن الظالمين.
والنون تسقط في تثنية الفعل وجمعِه في النصب والجزم، وعلى الوجه الأول قولُه: {فَتَكُونَا}؛ أي: فتصيرا، وعلى الوجه الثاني على حقيقته: ولا تكونا (٢).
وقوله: {مِنَ الظَّالِمِينَ}: الظُّلْمُ: وضعُ الشيءِ في غيرِ موضعه، والظُّلْمُ: الجَور، والظُّلْمُ: النَّقصُ، والظُّلْمُ: الضَّررُ بالنَّفس، والأرضُ المظلومةُ: التي لا يُمكِن الحفرُ فيها إلَّا بشَّدةٍ (٣)، فكأنَّ الحفرَ وُضعَ في غيرِ موضعه، قال الشاعر:
والنُّؤي كالحوضِ بالمظلومةِ الجَلَدِ (٤)
النُّؤي: الحُفيرةُ حول الخِباء، والجَلَد: الأرض الصُّلبة، والمظلومة: الجارية المفترَعةُ (٥) قبلَ الأوانِ.
وأمَّا التفسير:
(١) في (أ): "على اليقين"، في (ف): "إلى التعيين".
(٢) في (ف): "ولا تكونوا"، وليست في (ر).
(٣) في (أ) و (ف): "التي لا تُمكن من الحفر إلَّا بشَّدةٍ".
(٤) عجز بيت للنابغة الذبياني، وهو في "ديوانه" (ص: ٣٠)، وصدره: إلا الأواريَّ لأَيًا ما أُبيِّنها. والأواريُّ: جمع آريّ، وهو: محبس الدابة، واللأي: الشدة.
(٥) في هامش (ف): "الجارية المفترعة: المفتضة".