النَّار، بل يُعْرَفُ بهيئتِه، فلا يُسْأَلون على (١) هذا الوجه، بل يُسْأَلون سؤالَ المُحاسَبَةِ تَقْرِيعًا لهم وتَوْبِيخًا.
وقال مجاهدٌ: يَعْرِفُونَهم بسِيماهم، فلا يُسْأَلون (٢).
وقال ابنُ عبَّاسٍ: لا يُسْأَلون: هل عَمِلْتُم كذا وكذا؟ بل يُسْأَلون: لِمَ عَمِلْتُم كذا وكذا (٣)؟ وهو التَّوفيقُ بين قولِه: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ} الحجر: ٩٢، وبين هذه الآيةِ.
وقيل: يُسْأَلون للمُحاسَبة، ثم يُخْتَمُ على أفواهم فلا يُسْأَلون، وتشهَدُ عليهم جوارحُهم.
وقيل: هي مواقفُ، يُسْأَلون في بعضِها، ولا يُسْأَلون في بعضها.
وقيل: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ}: أي: عن ذَنْبِ الإنسان، {إِنْسٌ}: غيرَه، {وَلَا جَانٌّ}: غيرَه، بل هو المحاسَبُ عليه، والمسؤولُ عنه، والمُجازَى به.
وعلى هذا تكون الكنايةُ في {ذَنْبِهِ} راجعةٌ إلى الإنسان المذكور في أوَّلِ السُّورَةِ، وهو قولُه: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ}.
* * *
(٤٠ - ٤١) - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٠) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ}.
(١) في (ف): "عن".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٢٣٠)، والبيهقي في "الشعب" (٢٧٣)، بلفظ: لا يسأل الملائكة عن المجرم يُعرفون بسيماهم.
(٣) رواه عنه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٢٣٠)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٢٧٠).
وذكره مكي بن أبي طالب في "الهداية" (٦/ ٣٩٣٤)، والثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٣٥٤)، والماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ٤٣٦)، والواحدي في "البسيط" (١٢/ ٦٦٨)، والبغوي في "تفسيره" (٤/ ٣٩٤).