وقال مُرَّةُ الهَمْدَانِيُّ: {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ}: مِثْلَ الدُّنيا أَضْعافًا مُضاعَفَةً، حصباؤُهُما الياقوتُ الأحمرُ والزَّبَرْجَدُ الأخضرُ، وتُرابُهُما: الكافورُ، وحَمأَتُهما المِسْكُ الأَذْفَرُ، وحافَّتاهُما الزَّعْفَرَانُ (١).
وقال ابنُ عبَّاسٍ: تَجْرِيانِ بالكرامة على أهل الجنة والزِّيادةِ (٢).
وقال أبو بكرٍ الوَرَّاقُ: في الجنَّةِ عَيْنَانِ تَجْرِيانِ لِمَن كانت له في الدنيا عينان بالبُكاءِ والدُّموعِ تجريان (٣).
* * *
(٥١ - ٥٢) - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥١) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ}.
{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
قولُه تعالى: {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ}: أي: ضَرْبانِ مُتَشاكِلانِ؛ كَتَشَاكُلِ الذَّكَرِ والأنثى، وذلك كالرَّطْبِ واليابِسِ مِن العِنَبِ والزَّبِيبِ، وكالتِّينِ الرَّطْبِ واليابِسِ، وكذا سائِرُ الأنواعِ لا يَقْصرُ يابِسُه عن رَطْبِه في الفَضْلِ والطِّيبِ.
وقيل: هو تفضيلُ هاتَينِ الجنَّتَينِ عن الأُخرَيَينِ، فإنه قال ها هنا: {مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ}، وقال هناك: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ}، فثَنَّى ها هنا وعَمَّمَ، وأفرَدَ هناك وخَصَّصَ.
* * *
(٥٣ - ٥٤) - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٣) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ}.
(١) ذكره الواحدي في "البسيط" (٢١/ ١٨٥) عن عطاء عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٢) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١٩٠)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ٤٥٢).
(٣) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١٩٠)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ٢١٣).