وقال الحسن: إنْ شاؤُوا أَتَوْها، وإنْ شاؤُوا أَتَتْهُم وهُم جُلُوسٌ ونِيامٌ، فيَتَناولونه على فُرُشِهم (١).
* * *
(٥٣ - ٥٤) - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٥) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ}.
{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
قولُه تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ}: أي: في الفُرُشِ.
قيل: أي: في الجِنانِ التي تَشْتَمِلُ عليها الجَنَّتانِ زوجاتٌ قد قَصَرْنَ عُيونَهُنَّ على أزواجهنَّ فلا يُرِدْنَ غيرَهم، وهذا مِن أَفْضَلِ خِصالِ النِّساءِ، وأَبْلَغُ وَصْفٍ لها في حُبِّها زوجَها، وهي أشهى ما يكونُ إلى الزَّوجِ، ووَحَّدَ الطَّرْفَ لأنَّه في الأصل مَصْدَرٌ، وقد طرَفَتْ عينُه طَرْفًا.
وقال الإمامُ القُشَيريُّ: {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ}: لِمَن قصَرَ يدَه عن الحرامِ والشُّبْهَةِ، وبصَرَه عن الحرامِ والرِّيبَةِ.
وقال: إذا قَصَرْنَ (٢) طَرْفَهُنَّ عن غيرِكَ، فأولى بالعبد أنْ يَقْصُرَ طَرْفَه عن المَحْظورات، بل عن المكنونات (٣)، إذا كان يرجو لقاءَ ربِّه إلى أنْ يَلْقاه (٤).
قولُه تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ}: قال ابنُ عبَّاسٍ: لم يُدْمِهِنَّ بالنِّكاح (٥)، وأُرِيدَ به الافتضاضُ.
(١) ذكره ابن أبي زمنين في "تفسيره" (٤/ ٣٣٤).
(٢) في (ف): "قصرت".
(٣) في (أ): "المكونات".
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (٣/ ٥١٢).
(٥) رواه عنه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٢٤٧)، وذكره مكي بن أبي طالب في "الهداية" (١١/ ٧٢٣٩).