أحسَنَ إلينا مِن حيث الطَّاعةُ إلَّا أنْ نُحْسِنَ إليه مِن حيث القَبولُ والثَّوابُ؟ وهل جزاءُ مَن أحسَنَ إلينا مِن حيث الخِدْمَةُ إلَّا أنْ نُحْسِنَ إليه مِن حيث النِّعْمَةُ؟
وهل جزاءُ مَن بعُدَ عن نفْسِه إلا أنْ نُقَرِّبَه مِنَّا؟ وهل جزاءُ مَن رفَعَ لنا خَطْوَةً إلَّا أنْ نُكافِئَه بكلِّ خَطْوَةٍ ألفَ خَطْوَةٍ؟ وهل جزاءُ مَن حَفِظَ لنا طَرْفَه إلَّا أنْ نُكْرِمَه بلقائِنا (١)؟
* * *
(٦٢) - {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ}.
قولُه تعالى: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ}: أي: ومِن دون الجنَّتَينِ اللَّتَين وَعَدْناهما للخائفين، وعلى قول مَن جعَلَ تلك للسابقين وهاتين للتابعين، فـ (دُونَ) بمعنى: الأدنى، ومَن جعَلَ الجِنانَ الأربعَ كلَّ الجِنانِ لكلِّ أهلِ الجنَّةِ، فـ (دُونَ) بمعنى (غير)؛ أي: وسوى الجنَّتَينِ المذكورتين جنَّتانِ أُخرَيان.
وأهلُ التَّفْسيرِ يختلفون في تلك:
قال ابن عبَّاسٍ: تانِكَ للمُقَرَّبين، وهاتان لأصحاب اليمين (٢).
وقال أبو معاذٍ والكسائيُّ: {وَمِن دُونِهِمَا}: أي: غيرَهما (٣)، لا أنَّهما دُونَ الأُولَيَينِ.
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (٣/ ٥١٣ - ٥١٤).
(٢) ذكره عنه الحليمي في "المنهاج في شعب الإيمان" (١/ ٤٧٥)، والقرطبي في "تفسيره" (٢٠/ ١٥٩) من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس.
(٣) ذكره عن أبي معاذ الثعلبيُّ في "تفسيره" (٩/ ١٩٣). وذكر الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١٩٣)، والواحدي في "البسيط" (٢١/ ١٩٣)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ٤٥٦) عن الكسائي قوله: أمامهما وقبلهما.