قولُه تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ}: قال ابنُ عبَّاسٍ: الرُّمَّانُ ليس مِن الفاكهة (١)، وهو يُقَوِّي مذهبَ أبي حنيفةَ أنَّ الرُّطَبَ والعِنَبَ والرُّمانَ ليس بفاكهةٍ، والعطفُ بالواو يدُلُّ على التَّغايُرِ.
وقال أبو يوسُفَ ومحمَّدٌ: هذا يدُلُّ على التَّفْضِيلِ (٢)؛ كما في قوله: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} البقرة: ٩٨.
وقال سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ: نخلُ الجنَّةِ جُذوعُها مِن فضة، وأغصانُها مِن ذهب، وأوراقُها مِن زُمُرُّدٍ، وسَعَفُها كِسْوَةٌ لأهل الجنة، ورُطَبُها كالدِّلاءِ أشدُّ بياضًا مِن اللَّبَن، وأَلْيَنُ مِن الزُّبْد، وأحلى مِن العسل، ليس له عَجَمٌ (٣).
* * *
(٦٩ - ٧٠) - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٩) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ}.
{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
قولُه تعالى: {فِيهِنَّ}: أي: في الجِنانِ الأربَعِ.
{خَيْرَاتٌ}: قال الزَّجَّاجُ: أصلُه: (خَيِّرَاتٌ) بالتشديد، فخُفِّفَ (٤)؛ كما في الهَيِّن واللَّيِّن.
{حِسَانٌ}: أي: خَيِّراتُ الأخلاقِ والسِّيَر، حِسانُ الهَيْئاتِ والصُّوَر.
وقال جريرُ بنُ عبدِ اللَّه: {خَيْرَاتٌ}: مُخْتاراتٌ (٥).
(١) ذكره عنه السمعاني في "تفسيره" (٥/ ٣٣٧).
(٢) انظر: "المبسوط" لمحمد بن الحسن (٣/ ٢٩٠)، و"التجريد" للقدوري (١٢/ ٦٤٥٩).
(٣) رواه عنه معمر بن راشد في "جامعه" (٢٠٨٧٠)، وعبد الرزاق في "تفسيره" (٣١٠٤)، والطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٢٦١)،
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٥/ ١٠٤).
(٥) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١٩٥)، وذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ٤٤٢) من غير نسبة.