{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا}: أي: باطلًا مِن القول، لا فائدةَ في سماعِه، وهو ما ليسَ بكذبٍ ولا فحشٍ، لكنَّه كلامٌ لا معنى له.
{وَلَا تَأْثِيمًا}: أي: ما يؤثِّمهم من الكلام، وهو الكذبُ والفحشُ.
{إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا}: وهو استثناءٌ منقطعٌ بمعنى: لكن؛ أي: لكن يسمعونَ قولَ بعضِهم لبعضٍ سلامًا سلامًا؛ أي: سلمْتَ سلامًا؛ أي: سلامةً، أو لقيْتَ تحيَّةً وسلامًا.
وقيل: هو سلامُ الملائكةِ.
وقيل: {سَلَامًا}: نعتٌ لقولِه: {قِيلًا}؛ أي: قولًا صوابًا سالمًا عن اللَّغو والتَّأثيم.
قال الأخفش: {وَلَا تَأْثِيمًا}؛ أي: ولا يفعلون تأثيمًا؛ أي: ما يؤثِّمُهم، فالأوَّل للقولِ، والثَّاني للفعل، ويُضمَرُ فيه، وهو كقولِ مَن يقول: أكلْتُ خبزًا ولبنًا؛ أي: أكلْتُ خبزًا وشربْتُ لبنًا (١).
* * *
(٢٧ - ٢٨) - {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (٢٧) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ}.
{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ}: ثم ذكر التابعين للسابقين فقال: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ}.
{مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ}: أي: ماذا أُعِدَّ لهم مِنَ الخيرِ؟ وهي لفظةُ تعظيمٍ وتفخيمٍ، كقولكَ: زيدٌ، وما زيدٌ؟
{فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ}: أي: نَبْق، وكانوا يستلذُّونَه ويروقُهم شجرُه، وقد ذكرَ اللَّهُ تعالى سدرةَ المنتهى ورفعَ شأنها.
(١) ذكر نحوه أبو عبيدة في "مجاز القرآن" (٢/ ٢٤٩)، وحكاه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٣٠٥) عن بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة.