وكانوا في أحسنِ حالٍ؛ فابتُلي آدمُ بالحرث والكسب، وحوَّاء بالحيض والحَبَل والطَّلْق، ونقصان العقل والميراث، وجعَل اللَّهُ قوائمَ الحيَّة في جوفها، وجعَل (١) قُوتَها الترابَ، وقبَّح رِجْلي الطاووس، وجعل إبليسَ بأقبح صورةٍ وأفضح حالةٍ، وكان مكث آدمُ وحوَّاء في الجنَّة مِن وقت الظهر إلى وقت العصر مِن أيَّام الآخرة.
* * *
(٣٧) - {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}.
وقوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ}: أي: أَخذ وحَفظ، ويقال: تَلقَّينا الحاجَّ؛ أي: استقبلناهم للِقائهم، ويقال: لقَّيْتُه الشيءَ فتلقَّاه، ولقَّنْتُه فتلقَّنه، ولقَّفْتُه فتلقَّفه، بمعنًى.
وقوله تعالى: {مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ}: الكلمات: جمعُ كلمةٍ، وهي مجموعُ حروفٍ، والكلمات في القرآن جاءت لمعانٍ:
للعلم: كما في قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} الكهف: ١٠٩.
وللقرآن: كما في قوله تعالى: {لِكَلِمَاتِ رَبِّي} الكهف: ١٠٩.
وللفرائض: كما في قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} البقرة: ١٢٤.
وللوعد: كما في قوله تعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} يونس: ٦٤.
واختلفوا في المراد بهذه الكلمات:
قال عليٌّ ومجاهد رضي اللَّه عنهما: هي قوله: لا إله إلَّا أنتَ سبحانكَ وبحمدِك إنِّي كنُت مِن الظالمين، ربِّ عملتُ سوءًا وظلمتُ نفسي فاغفر لي فأنتَ خيرُ الغافرين، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، ربِّ عملتُ سوءًا وظلمتُ نفسي فتُب
(١) في (أ): "وجعلت".