وقيل: {الْأَوَّلُ} علِمَ ما يفعلُه عبادُه فلم يمنعْه علمُه من تعريفهم، {وَالْآخِرُ} رأى ما عملوا فلم يمنعْه مِن غفرانِهم، {وَالظَّاهِرُ} ليسَ يخفَى عليه شيءٌ مِن شأنِهم، وليسَ يدعُ شيئًا من إحسانِهم، {وَالْبَاطِنُ} يعلمُ ما ليسَ لهم به علمٌ مِن خسرانِهم ونقصانِهم، فيدفعُ عنهم فنونَ محنِهم وأحزانِهم.
* * *
(٤ - ٦) - {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.
وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}: فسَّرناه في (سورة الأعراف).
{مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا}: فسَّرناه في (سورة سبأ).
قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}: أي: عالمٌ بكم، لا يخفى عليه شيءٌ من أحوالِكم وأفعالِكم وأقوالِكم.
{وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}: وهو على مجازاتِكُم على وفقِ عملِكُم قديرٌ.
{لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}: فسَّرنا هذا كلَّه مرَّات.
{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ}: فسَّرناه في (سورة آل عمران) وغيرها.
{وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}: أي: بخفيَّات الصُّدور، ومَن قدرَ على هذه الأشياءِ، وعلم بالأشياءِ، فلن يعجزَهُ (١) إهلاكُ مَن كفرَ به، فلا تتوهَّموا معاشرَ المسلمين أنَّ
(١) في (أ): "فلم يعجز"، وفي (ر): "لم يعجزه".