بيان التَّكوين في قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} يس: ٨٢، وبيان التَّلقين في قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} إبراهيم: ٢٧، وبيان التَّبيين في قوله تعالى: {لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} النساء: ٢٦، وبيان التَّزيين في قوله تعالى: {وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} الحجرات: ٧ (١).
وقيل: {هُوَ الْأَوَّلُ} الذي لا تسبقُه (٢) الأدوار، {وَالْآخِرُ} الَّذي لا تلحقه الأطوار، {وَالظَّاهِرُ} الَّذي لا تخفى عليه الأسرار، {وَالْبَاطِنُ} الَّذي لا تدركُه الأبصار.
وقيل: {هُوَ الْأَوَّلُ} الَّذي يستحقُّ الوصف بالقِدم، {وَالْآخِرُ} الَّذي يستحيلُ عليه الوصف بالعَدم، {وَالظَّاهِرُ} بالعلوِّ والرِّفعة، {وَالْبَاطِنُ} بالعلم والحكمة.
وقيل: {الْأَوَّلُ} فلا افتتاحَ لوجودِه، {وَالْآخِرُ} فلا انقطاعَ لثبوتِه، {وَالظَّاهِرُ} فلا خفاءَ لجلالِ عزِّه، {وَالْبَاطِنُ} فلا سبيلَ إلى إدراكِه.
وقيل: مَن كانَ الغالبُ على قلبِه اسمَه الأوَّلَ كانت فكرتُه في سابقتِه بماذا سمَّاه مولاه، وما الذي جرى له في سابق حكمِه، أأسعدَه أم أشقاهُ؟
ومَن كان الغالبُ على قلبِه اسمَه الآخِرَ كانت فكرتُه في أنَّه بماذا يُختَم له حاله، وإلى ماذا يصير مآلُه، أعلى التَّوحيد يخرجُ مِن دنياه، أم في النَّار الكبرى غدًا مثواه؟
وَمن كان الغالبُ على قلبِه اسمَه الظَّاهرَ فاشتغالُه بشكرِ ما يجري في الحالِ مِن توفيقِ الإحسانِ، وتحقيقِ الإيمانِ، وجميلِ الكفاية، وحسنِ الرِّعاية.
ومَن كان الغالبُ على قلبِه اسمَه الباطنَ كانت فكرتُه في استبهامِ أمرِه عليه، فليس يدري أفضلٌ ما يعاملُه به ربُّه، أم مكرٌ يستدرجُه به ربُّه؟
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٢٢٩) بلا نسبة.
(٢) في (أ): "يسعه".