ويقال: حين أمره بخروجه مِن الجنة جعَل ما أَسمعه إيَّاه مِن عزيز (١) خطابه له زادًا، ليكون له تذكرةً وعتادًا (٢)، قال قائلُهم:
وأَذكرُا أيَّام الحمى ثم أَنثني... على كبدي مِن خشيةٍ أنْ تَقطَّعا
ومخاطباتُ الأحباب لا تَحتمِل الشرح، ولا يُحيط بها الأجانب علمًا (٣).
وقرأ ابن كثيرٍ: {فَتَلَقَّى آدَمُ} بالنصب {مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} بالرَّفع (٤)، ومعناه: جاءت الكلماتُ آدمَ، وهو كقولك: تلقَّيت زيدًا، وتلقَّاني زيدٌ.
وقوله تعالى: {فَتَابَ عَلَيْهِ}: التوبة: الرجوع، يقال: تاب إليه وثابَ (٥) وأنابَ وآب.
وقيل (٦): تاب العبد إلى ربه؛ أي: رحع إليه من ذنبه، و: تاب اللَّه عليه؛ أي: وفَّقه للتوبة وقبِلها منه، قال (٧) تعالى: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} التوبة: ١١٨ هذا للتوفيق على التوبة، وقال تعالى: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} المائدة: ٣٩ هذا لقبول التوبة، وفي هذه الآية تصلُح لهما.
وتمام التوبة من العبد: بالندم على ما كان، وبترك الذنب الآن، وبالعزم على أنْ
(١) في (ر): "لذيذ"، والمثبت من (أ) و (ف) و"اللطائف".
(٢) في (ر): "وعياذًا"، وفي (ف): "عتابًا"، والمثبت من (أ) و"اللطائف".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٨٢).
(٤) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ١٥٣)، و"التيسير" للداني (ص: ٧٣).
(٥) "وثاب": زيادة من (أ).
(٦) في (أ): "وقد".
(٧) في (ر) و (ف): "وقوله".