وقوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى}: قيل: هي فَدَك وبنو النَّضير وبنو قريظةَ وخيبر.
{فَلِلَّهِ}: أي: فهي للَّهِ، يأمركم فيها بما أحبَّ.
وقال الزُّهريُّ: كانت بنو النَّضير للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خالصةً لم يفتتحوها عنوةً، ولكن افتتحوها على صلحٍ، فقسمَها بين المهاجرين (١).
{وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى}؛ يعني: قرابةَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- {وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}.
وقال عمر رضي اللَّه عنه: كان لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاثُ صفايا: بنو النضير وفدكٌ وخيبرُ؛ فأمَّا بنو النَّضير فكانت حبسًا لنوائبه، وأمَّا فَدَكٌ فكانت لابن السَّبيل، وأمَّا خيبرُ فجزَّأها ثلاثة أجزاء، فقسم جزأين بين المسلمين، وحبسَ جزءًا للنَّفقة، فما فضلَ عن أهلِه ردَّه على فقراء المسلمين (٢).
وعلى هذا القول: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ} موصولٌ بالأوَّل، وإن لم يكن فيه واو العطف، كما يقال: هذا المال لزيد لعمرو ولبكر.
وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: هذا مبتدأ، وهو في غنائم كلِّ قرية تفتح وتُؤخَذ بقوَّة الغزاة (٣)، وفي الآيةِ بيانُ مصرفِ خُمسِها.
(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣١٨٩)، والطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٥١٣).
(٢) رواه أبو داود (٢٩٦٧).
(٣) لم أجده عن ابن عباس، وهو اختيار ابن العربي في "أحكام القرآن" (٤/ ٢١٤) قال: (قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} وهذا كلامٌ مُبتدَأٌ غيرُ الأولِ لمستحِقٍّ غيرِ الأولِ. . .) إلى آخر ما قال، واستحسنه القرطبي في "تفسيره" (٢٠/ ٢٥٠).