فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهم ارحمِ الأنصارَ، وأبناءَ الأنصارِ"، فأعطى رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- المهاجرين، ولم يعطِ الأنصارَ، إلَّا ما أعطى أبا دجانة وسهل بن حنيف وسعد بن معاذ (١).
وقوله تعالى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ}: أي: ومَن وقاه اللَّهُ بخلَ نفسِه، فلم يَضَنَّ بعَرَضِ الدُّنيا وبذَلَهُ لأولياءِ اللَّه تعالى {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} جمع مع إفراد قوله: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ}؛ لأَنَّه جنسٌ، فكان واحدًا لفظًا جمعًا معنى.
وقيل: في قوله: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ}: لم يقلْ: (ومَن يتق)؛ تنبيهًا على أنَّ هذا أمرٌ لا يتأتَّى بالتَّكلُّف (٢).
وقيل: الشُّحُّ: اجتماعُ البخل والحرص والشَّره.
وقيل: هو أن لا يكون فيه نفعٌ لأحدٍ، من قولهم: زَندٌ شَحاحٌ: إذا كان لا يُوْرِي نارًا.
وقال ابنُ مسعود رضي اللَّه عنه: مَن أعطى في النَّائبة وقَرَى الضَّيفَ فقد وُقي شُحَّ نفسِه.
وعن أبي المتوكِّل النَّاجي: أنَّ رجلًا من المسلمين غَبَرَ (٣) ثلاثةَ أيَّامٍ صائمًا، يمسي فلا يجدُ ما يفطر عليه فيصبح صائمًا، حتى فطنَ به رجلٌ من الأنصار، يُقال له: ثابت بن قيس بن الشَّمَّاس، فقال لأهله: إنِّي أجيء الليلة بضيفٍ، فإذا وضعْتُم طعامَكم فلْتقُمْ أحدُكم إلى السِّراج كانه يصلِحُه فلْيُطفئْه، ثم اضربوا بأيديكم إلى الطَّعام كأنَّكم تاكلون، فلا تأكلوا، حتَّى يشبعَ ضيفُنا، فلمَّا أمسى ذهبَ به، فوضعوا
(١) رواه الواقدي في "المغازي" (١/ ٣٢٠) من حديث أم العلاء رضي اللَّه عنها.
(٢) في (ر) و (ف): "بالتكليف".
(٣) غبر: بقي. انظر: "معجم مقاييس اللغة" لابن فارس (مادة: غبر).