أحدهما: أنَّ معناه: لكم أسوةٌ، وهذه الأسوة حسنةٌ لمن كان منكم يرجو اللَّه.
والثَّاني: أنَّ تقديرَه: لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان منكم يرجو اللَّه واليوم الآخر؛ أي: يرجو اللَّه أن يثيبَه به، فيدخلَه الجنَّة يوم القيامة.
قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ} عن الاقتداء بهم، ووالى الكفَّار {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ}؛ أي: غنيٌّ عنه وعن نصرته وعن معونته، بل هو وليُّ دينه وناصر حزبه.
{الْحَمِيدُ}: هو المستحقُّ للحمد.
* * *
(٧) - {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
قوله تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً}: أطمعَهم -مع الأمر بمعاداتهم- في تحوُّل الحال إلى خلافه، وقال: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ} من أهل مكَّة من قراباتكم {مَوَدَّةً} بأن يوفِّقهم للإيمان.
{وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: أي: فإنَّ اللَّه على ذلك وعلى كلِّ شيء قدير، وهو رحيم بعباده، غفور لِمَا سلَفَ من كفرهم إذا أسلموا.
وفي هذا تأكيدٌ لِما أمرهم به من ترك موالاتهم ما داموا كفَّارًا، وتعريفٌ لهم أنَّهم إذا فعلوا ذلك بالغوا في جهادهم، فأدَّى ذلك إلى إيمانهم الموجِب لودادهم، وقد كان هذا بأن فُتحَتْ مكَّة على أيديهم، وأسلم كثيرٌ منهم.
و (عسى) من اللَّه تعالى واجب.
وقوله: {أَنْ يَجْعَلَ} دليل على خلقِ اللَّهِ أفعالَ العباد، ظاهرَها وباطنَها.
وقال مقاتل: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} يعني: أبا سفيان