قال زيدُ بن أرقم: كنْتُ مع عمِّي، فسمعْتُ ابنَ أُبيٍّ يقول لأصحابه: {لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ} الآية المنافقون: ٧، و {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ} الآية المنافقون: ٨، فذكرْتُ ذلك لعمِّي، فذكرَهُ لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فدعاني النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فحدَّثْتُه، فأرسل رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى عبد اللَّه بن أُبيٍّ ابنِ سَلُولَ وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فكذَّبني النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وصدَّقه، فأصابني همٌّ لم يصبْني قطُّ مثلَه، فأنزل اللَّه تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} الآيات، فبعثَ إليَّ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقرأهنَّ عليَّ، ثم قال: "إنَّ اللَّه تعالى صدَّقك" (١).
* * *
(٤) - {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}.
وقوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ}: أي: مناظرُهم، وكلُّ واحد منهم مَنظَرٌ بلا مَخْبَرٍ.
{وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ}: لأنَّهم يقولون قولَ المحِقِّ الصَّادِق تلبيسًا وتزويرًا.
وروي أنَّ ابن أُبيٍّ كان رجلًا جميلًا (٢) لَسِنًا فصيحًا، فإذا قالَ سمعَ النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قولَه (٣).
وقيل: هذا الخطاب ليس للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على الخصوص، ومعناه: أنَّ مَن سمع كلامَهم أعجبه، وهو كقولك: أحسب أنَّ فلانًا كذا؛ أي: مَن نظر إليه يحسب أنَّه كذا.
(١) رواه البخاري (٤٩٠٠) واللفظ له، ومسلم (٢٧٧٢).
(٢) في (ر): "محيلًا"، وفي مصدري التخريج: "جسيمًا".
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (٤/ ٣٣٧). وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٣٢٠) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما. ونقل الواحدي في "البسيط" (٢١/ ٤٦٩) عن الكلبي قال: (يعني عبد اللَّه بن أبي ومعتب بن قشير كانت لهم أجسام ومنظر).