وقال الضَّحَّاك: نزلت في وَدَاعةَ ومعتِّبِ بن قُشيرٍ وجَدِّ بن قيس وأوسِ بن قَيْظيٍّ وطُعمةَ بن أُبَيرِقَ وعبد اللَّه بن نَبْتلٍ ومجمِّع بنِ جارية لعنهم اللَّه، وكانت لهم ألسنٌ وأجسام.
وقوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ}: وهي جمع خَشْبَة، كالثُّمُر جمع ثَمَرة.
و {مُسَنَّدَةٌ}: التَّسنيد (١) تكثير الإسناد لكثرة (٢) المحالِّ؛ أي: كأنَّها أسندَت إلى مواضع.
ولهذا التَّشبيه وجوه:
أحدها: هي كالجماد أشباحٌ وصُوَرٌ، لا تهتزُّ للتَّدبر (٣) في آيات اللَّه، ولا تتحرَّك للتَّفكُّر فيما يورده عليهم رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من حُجج اللَّه تعالى، كالخُشُب المسنَّدة التي هي قائمة لا حراك فيها، ولا علم ولا عقل.
والثَّاني: هم كخُشُب نَخِرَة، قد سُنِدَتْ إلى مواضعَ تُمسِكها، فهي بإمساكها إتاها تَتَصوَّر للنَّاظر بصورة ما يُنتَفع به، وهي في الحقيقة لا منفعةَ لها لمن عرفها واختبرها، فكذلك هؤلاء المنافقون إذا انكشفَتْ ضمائرُهم هانَتْ على أولي الألباب ظواهرُهم.
والثَّالث: أنَّ قلوبهم لا تعي خيرًا، ولا تضمر صدقًا، كالخُشُب ليس لها باطنٌ يتضمَّن معنًى ويثمر نفعًا.
قوله تعالى: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ}: وهو وصفٌ لهم بالجبن؛ أي (٤):
(١) في (١): "التسند".
(٢) في (ر) و (ف): "بكثرة".
(٣) في (أ): "للنذير".
(٤) في (ر): "أو".