وقوله تعالى: {أُوفِ بِعَهْدِكُمْ}: أي: بوَعْدكم، ويكون العهد بمعنى الوعد؛ قال اللَّه تعالى: {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} التوبة: ١١١؛ أي: بوعده، فقد قال تعالى (١): {وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا} التوبة: ١١١ وقال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} التوبة: ٧٥ أي: وَعَد، فقد قال: {بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ} التوبة: ٧٧.
وقيل: أي: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} في أداء الفرائض {أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} بقَبولها والجزاء عليها.
وقال ابنُ عباسٍ رضي اللَّه عنهما: كان عَهِدَ إلى بني إسرائيل على لسانِ موسى صلوات اللَّه عليه: إنِّي باعثٌ مِن بني إسماعيل نبيًّا أُمِّيًّا؛ فمَن اتَّبعه (٢) وصدَّق بالنُّور الذي يأتي به غفرتُ له ذنبَه وأدخلتُه الجنة، وجعلتُ له أجرين اثنين، فذكَّرهم ذلك بهذه الآية (٣).
وقيل: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} في مجاهدةِ أنفسكم {أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} في معونتِكم عليها.
وقيل: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} في إخلاصِ سرائركم {أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} في إصلاحِ ظواهركم.
وقيل: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} في إصلاحِ دنياكم {أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} في إصلاحِ عُقباكم.
وقيل: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي}: أَجيبوني فيما قلتُ لكم: افعلوا ولا تفعلوا {أُوفِ
(١) في (أ): "فقال" بدل: "فقد قال".
(٢) في (ف): "تبعه".
(٣) ذكره أبو الليث السمرقندي في "تفسيره" (١/ ٧٤) من طريق أبي صالح عن ابن عباس. وذكره الثعلبي في "تفسيره" (١/ ١٨٦) عن الكلبي، فيغلب على الظن أن خبر ابن عباس هو من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.