عنه: للماضي من الذُّنوب النَّدامةُ، وللفرائض الإعادةُ، وردُّ المظالم، واستحلالُ الخصوم، وأن تُدئِبَ نفسَكَ في الطَّاعة كما أَدْأبتها (١) في المعصية، وأن تذيقَها مرارة الطَّاعات كما أذقْتَها حلاوة المعاصي (٢).
وقال الفضيل: التَّوبة النَّصوح: أن يكون الذَّنب نُصْبَ عينيك، ولا تزال كأنَّك تنظر إليه.
وقال الواسطيُّ: التَّوبة النَّصوح: هي أن تكون لا لعوضٍ؛ لأنَّ مَن أذنبَ في الدُّنيا لرفاهة نفسه، وتاب طلبًا لرفاهَتها في الآخرة، فتوبتُه على حظِّ نفسِه، لا للَّه تعالى.
وقال أبو بكر الورَّاق: التَّوبة النَّصوح: أن تضيقَ عليك الأرضُ بما رحبَتْ، وتضيقَ عليك نفسُك، كما ذكر اللَّه تعالى في الثَّلاثة الذين خُلِّفوا.
وقال رُوَيمٌ المصريُّ: التَّوبة النَّصوح: أن تكون للَّه تعالى وجهًا بلا قفًا، كما كنْتَ له عند المعصية قفًا بلا وجه (٣).
وقالت رابعة: هي التَّوبة التي لا تحتاج فيها إلى التَّوبة منها، ثم قالت: إنَّ توبتنا تحتاج إلى التَّوبة منها، واستغفارنا يحتاج إلى الاستغفار منه (٤).
وروى ابن مسعود رضي اللَّه عنه أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قالَ: "أتدرون مَن التَّائب؟ "، قالوا: لا، قال: "إذا تاب العبدُ ولم يُرْضِ الخُصَماءَ فليس بتائب، ومَن تاب فلم يتعلَّمِ العلم فليس بتائب، ومَن تاب ولم يزدَدْ في العبادة فليس بتائب، ومَن تاب ولم
(١) في (أ) و (ف): "ربيتها".
(٢) رواه الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٣١٥).
(٣) ذكر هذه الأقوال الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٣٥٠).
(٤) ذكره الغزالي في "إحياء علوم الدين" (١/ ٣١٣)، والإمام النووي في "الأذكار" (ص: ٦٢٢).