وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: هو أشد ساعةٍ في يوم القيامة (١).
وقوله تعالى: {وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ}: أي: ويدعى هؤلاء المشركون إلى السُّجود {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} ذلك.
* * *
(٤٣) - {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}.
{خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ}: أي: ذليلةً {تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ}؛ أي: تغشاهم {وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ}؛ أي: في الدُّنيا {وَهُمْ سَالِمُونَ}؛ أي: ولهم سلامة الآلات ولا يسجدون.
وقوله تعالى: {يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} ليس هذا بدعاءِ أمر ونداء، بل معناه: يُحملون على قصد السُّجود، وذلك إذا رأوا المؤمنين يسجدون للَّه تعالى يومئذ ويقدرون، فيقصد المنافقون والمشركون، فيصير ظهورهم طبقًا واحدًا، وفي رواية: كسفافيد (٢) الحديد، فلا تنحني، فيبقون قيامًا كذلك (٣).
{وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ} في الدُّنيا، قيل: هو نداء المؤذِّن إلى الصَّلاة.
قال كعبُ الأحبار: واللَّه ما نزلت هذه الآية إلَّا في المتخلِّفين عن الجماعات (٤).
* * *
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ١٨٨).
(٢) جمع السَّفُّود: وهو حديدة يُشْوَى عليها اللحمُ. انظر: "اللسان" (مادة: سفد).
(٣) روى البخاري (٤٩١٩)، ومسلم (١٨٣) عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه قال: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، فيبقى كل مَن كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة، فيذهب ليسجد، فيعود ظهره طبقا واحدًا".
(٤) عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٨/ ٢٥٦) إلى ابن مردويه.