والثَّاني: {لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ}؛ أي: لبقي في بطن حوته إلى يوم القيامة، ثم ألقي في عراءِ عرصة القيامة، حين يحشر النَّاس، ولكنْ منَّ اللَّه تعالى عليه فنبذَه بعراء الدُّنيا، وهو كقوله: {لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} الصافات: ١٤٤.
* * *
(٥٠ - ٥١) - {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠) وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ}.
{فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ}: أي: اصطفاه لدعائه وعَذَرَه.
{فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}: أي: من المرسلين إلى مئة ألف أو يزيدون؛ فإنَّ الصَّالحين اسمُ الرُّسل.
وقيل: أي: بنبوَّته، وعذَرَه جعَلَه صالحًا، لم تبقَ له زلَّة، بل هو مستكمِل (١) لصفات الصَّلاح.
وقوله تعالى: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ}: وقد مرَّ مرَّات أنَّ (إنْ) الخفيفةَ وبعدها اللَّام لذلك وجهان:
أحدهما: أنَّ (إنْ) نفيٌ، واللَّام بمعنى (إلَّا).
ووجه آخر: أنَّهما للتَّأكيد.
وقرأ حمزة: {لَيُزْلِقُونَكَ بأبصارِهم} بفتح الياء من زَلِقَ، والباقون بضمِّها من أَزْلَقَ (٢).
(١) في (ف): "بل هو مستمسك" وفي (ر): "وهو مستكمل".
(٢) انظر: "السبعة في القراءات" (ص: ٦٤٧)، و"التيسير" (ص: ٢١٣). والقراءة فيهما عن نافع لا عن حمزة. ووافقه أبو جعفر. انظر: "النشر" لابن الجزري (٢/ ٣٨٩).