وانتظام السُّورتين: أنَّ تلك أوَّلُها في القسَم على خُلُق (١) رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وباقيها في (٢) أجزية موافقيه ومخالفيه أيضًا في الدُّنيا والآخرة، وهذه آخرُها في القسَم على ذلك، وباقيها في (٣) أجزية موافقيه ومخالفيه أيضًا في الدُّنيا والآخرة.
* * *
(١) - {الْحَاقَّةُ}.
وقوله تعالى: {الْحَاقَّةُ}: أي: القيامة.
قال الخليل: {الْحَاقَّةُ}؛ أي: النَّازلة التي حقَّتْ فلا كاذبةَ لها (٤).
وهذا لأنَّ أخبار اللَّه تعالى في الدُّنيا متتابعةٌ في كتبه وعلى ألسنة رسله، يذكرها مع خفاء وقتها، فإذا قامت قيل: هي الحاقَّة؛ أي: قد حقَّتْ كما كانت تُذكَر.
وتسمَّى الآن حاقَّة على أنَّها واقعةٌ لا محالة، كما سُمِّيَتْ الواقعةَ لوقوعها لا محالة.
وقيل: سُمِّيت بها لأنَّها تَحُقُّ كلَّ إنسان بعمله من خير أو شر؛ أي: تجعله حقيقًا (٥).
وقيل: سُمِّيت بها لانَّها تَحِقُّ فيها الأمور، فيَظهَرُ إحسان المحسن وإساءةُ المسيء، ويظهر ما يجب له وعليه من ثواب أو عقاب، فهي حاقَّة على معنى أنَّ الحقَّ فيها، كما يُقال: ليل نائم؛ لِمَا أنَّ النَّوم يكون فيه.
وقال قتادة: سُمِّيت بها لأنَّه حقَّت فيه لكلِّ قوم أعمالهم (٦)؛ أي: صحَّت.
(١) في (أ) و (ف): "حال".
(٢) في (ف): "وما فيها من" بدل من "وباقيها في".
(٣) في (ف): "وما فيها من" بدل من "وباقيها في".
(٤) انظر: "العين" للخليل (٣/ ٧).
(٥) في (أ): "حقيقة".
(٦) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (٣٢٩٨)، والطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٢٠٦).