وقيل: هي من حَقَّ الشَّيء يَحِقُّ حقوقًا؛ أي: وجب، وهي واجبة؛ أي: كائنة لا محالة.
وقال الحسن البصري رحمه اللَّه: {الْحَاقَّةُ} معناها: أنَّه تَحِقُّ فيها لأقوامٍ الجنَّةُ بأعمالهم، وتَحِقُّ لأقوامٍ النَّارُ بأعمالهم.
* * *
(٢ - ٥) - {الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ}.
{مَا الْحَاقَّةُ}: استفهام بمعنى التَّعجُّب، وهو تفخيم لشأنها، كقولك: زيدٌ، وما زيدٌ؟
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ}: أي: وما أعلمَكَ يا محمَّد أيَّ شيءٍ فيها من الأهوال وشدائد الأحوال، وهو تفخيم آخر، وهو كقوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ} المدثر: ٢٧، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ} الهمزة: ٥.
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ}: أي: بالقيامة، وسُمِّيَتْ بها لأنَّه تقرعُ قلوب العباد لهجومها عليهم.
وقيل: تَقْرع أعداء اللَّه بالعذاب.
وقيل: هي الدَّاهية؛ أي: كذَّبَ الأوائل بالقيامة، فلم يؤمنوا باللَّه ورسله، فأهلكناهم في الدُّنيا، وصيَّرناهم إلى عذاب الآخرة، فكذلك حال مشركي زمانك كذَّبوا بالقيامة، فلم يؤمنوا بي وبكتابي ورسولي، فعاقبتهم لذلك.
{فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ}: أي: بالصَّيحة المتجاوِزة حدَّ الصَّيحات في الهول، حتَّى لم تحتملها قلوب القوم، وهو كما قال: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً} القمر: ٣١.