فأمَّا قوله في سورة السَّجدة: {ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ} السجدة: ٥، فهذا ما بين سماء الدُّنيا والأرض في الصعود والنُّزول ألفُ سنة؛ خمسُ مئة سنة صعودًا، وخمسُ مئة سنة نزولًا.
وقيل: هذا اليوم يوم القيامة، ومقداره خمسون ألف سنةٍ على اعتبار أيَّام الدُّنيا.
وقيل: إنَّ اللَّه تعالى يفعل في هذا اليوم في محاسبة عباده، وإيصال أهل الجنَّة إلى الجنَّة، وأهل النَّار إلى النَّار، ما لا يكون مثله إلَّا في خمسين ألف سنة لو وليَه العباد، ثم هو جلَّ جلالُه يفعله في مدَّة يسيرة من هذا اليوم (١).
وقيل: يفعل ذلك في قَدْرِ يوم من أيَّام الدُّنيا.
وقيل: في نصفِ يوم.
* * *
(٥ - ١٠) - {فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (٥) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (٦) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (٧) يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (٩) وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا}.
{فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا}: أي: على تبليغ الرِّسالة، وعلى أذى الكفَّار صبرًا لا شكوى فيه.
{إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا}: أي: تعتقده الكفَّار غيرَ كائن، كما يقال: هذا بعيد عن الصَّواب؛ أي: هو خطأ لا صواب فيه.
{وَنَرَاهُ قَرِيبًا}: أي: نعلَمه كائنًا، وكلُّ آتٍ قريبٌ.
(١) وهذا قول مردود لأن اللَّه سبحانه لا تقدير لمدة فعله؛ لأن أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون، ومردود أيضًا لأن فعل المخلوقات لا يقارن بفعل اللَّه مهما كان الفرق كبيرًا، والأولى الإعراض عن أمثال هذه الأقوال التي لا تكون الغاية من ذكرها سوى الإكثار من تعداد الأقوال والوجوه، ولا طائل منها.